Wednesday, March 7, 2007

مقدمة ديوان ميت بوتيك




بسم الله الرحمن الرحيم



سألتُ أميناً أى دواوينى أنشر بعد الخمسة وبعد الحمل الفلسطينى والشرط نور: الشقى والعاقل على مزاج الوطن.
قال: ميت بوتيك قبل أن يقدُم.
أى بنىّ كل الفن يقدُم وإن تمنينا الأمانى وتوهمنا الأوهام، أو قل توهمنا الأمانى وتمنينا الأوهام.
(هذا ديوانٌ مزركش تفرش عتبته بدماءٍ ملوّنة)
يا لؤلؤاً من خيال ما أتكبّد أنت صادق الحسّ لا تلوى على بعض السفاسف أوعلى أكثرها أو على شىءٍ منها – هل تنظر من قريب فترى أم من الحياء لا ترى: بعضُ َ الخواطر كاذبـةٌ ً مثل الحسابات الأنيقة.
أى نعم إن ألصق الفنون بالضحك والسخرية أسرعها إلى العطب.
النكتة إمّا بائخة وإمّا قديمة.
ومن ألف تعيش اثنتان أو ثلاث.
وأخريات يرفلن فى ثياب الحزن أو يستعرن أكفان شقيقاتهن أو ما قبل الأكفان –أيهما أزهى.
القول فى العَرَض الزائل عَرَضٌ زائل.
ولكن وراء البتارين فى قرية ميت بوتيك...
- قرية ميت بوتيك؟ .. لم تكن إذن تقصد مِئَة بوتيك بمعنى ألف بوتيك أو مليون بوتيك أخذاً بالأقرب واستلطافاً للفظ...
لا تؤاخذني.. فقد كنت تقصد التورية على كل حال،
لا أدرى الآن ماذا كنت أقصد ولا يهم الناس أن أدرى... ذهب زهدى إلى سيناء يوماً بعد ذلك أو أيّاماً وعاد من رحلته ببعض الصور أو قل عاد بشتيت من الصور.
أين منها الصخور.
تتناوب فوق الصدور.
وراحة المتلمّس.
والبخت فى الودع.
أصداؤها المترامية تطالعنى بما يشبه الوحشة والنوى، هل كان الخلود والموت مفتعلين؟.. هل كان صمتاً ما يقطعه هنا وهناك جدار وجدار.
لا أقتحم المعانى ولا ألتفّ عليها تأسرنى القافية هى التى تقص أثري.
فإن شاءت رُدِمْتُ تحت أنْقَاض الاحتلال.
وإن شاءت هُدِمْتُ
وهُزِمْتُ
وإن شاءت لم أُهْزَمْ وَلَم أَنْتَصر
لا أملّ التكرار ولا يملنى
إن سور الدير من بحر الرَمَل
فهو لا يألو سجوداً واعتكافا
وصلاة طلبت خبزاً كفافا
ما انكمش تاريخٌ وخطوت فى غيره ومادت صحراء وسجنتُ فى غيرها أو نفيت، ما الوهج والصدأ، ما لون المنجنيز والنحاس
وجدار من دموع خيّره
تزيد السراب اكتشافآ
وجدار قائم لا أدرى هل يفك الخط المكتوب عليه: بوتيك
مكتوب عليه: بوتيك
بعد الذين استشهدوا وركزوا العلم:
بوتيك
أم كانوا بمثابة أزواجهم وذراريهم فيحقّ لهم أن يفرفشوا
أم تَهَّجيتُ باءً وتاءً وكافآ فبنيتُ عليها هذه الفقرة لا أدرى إلى أين تؤدى.
إن لم يكن سيفى فإن لسانى عربى
أم لثامى
وكنتُ فى الشمس والقمر أم فى نسيج الشيخة أم الآه أم فى ممر الحشر والحشرجة خلّ بالك
كل قولى زخرفٌ حرٌّ عتيق
يا لؤلؤاً من خيال ما أتكبد الناس جميعاً لا ينطلى الزور عليهم والشاعر من الناس، ذكى من أذكياء فلماذا يقال من وراء ظهري: أبله.
ألأنى أحبّ أن أتباهى بهذا الذكاء المنتشر، فلا يعالج مثل الوباء ولا يكظم مثل الغيظ ولا يحمل مثل الجنين.
ولا أدرى كيف يجوز الاستعباط ومتى أقولُ فى اصطناعه بلى ومتى أقولُ كلا
أم لا أقول هذه ولا تلك
لا أقول شيئاً إطلاقاً
ولا على غرار السلف تلف
أمسك قولي: التلامه سلامه
عُلِّقت يفط السماسره
استسلم الجوُّ لها كمن ينام ومن يصحو
كأنّها تقرأ الناس لا الناس يقرأونها
وجدت التقاليد قافية العفاريت فقهقهت لهذا التجديد قهقهةً مُحترمة.
وضع الميزان.
منه وفيه مثل دود المش
قلوب تطلب خلوّاً للتمليك أو للإيجار تتحدث فى الجبر والقدر
تتغابى تتذاكى
تكون هذا وذاك طوع الإشارات تغرق فى دجلة تعوم فى الفرات
تفرز فى الجو أنفاقاً وفى الماء أنفاقاً علناً وإعلاناً وتقلب باطن الأرض ظاهراً وتقول: ليس لدينا شىءٌ نخفيه «ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس».
هى دود كما رسمها الفتى الهمذانى بالدماء الملونة طاووساً طويل الآذان
من بدع الزمان
أنخاف أن نكون من هذه القلوب ولا نكون منها نرتدى بزة لا نرتديها
ننطقُ حروفاً لا ننطقها
زرعوا مكانها حروفاً من البلاستيك أو هى من الخشب أو من رماد الشبوره
تقبلنى وتردنى تقيمنى وتودعنى
مثل المحطة والمطار والميناء ومنه وإليه
والسويتش والكشك والسندوتش
والدائرة
والدائخة والحائره
لسه ما اتجننتش
لماذا تريد الآن أن تجن
الفن غول هزيل
دكان التوبه
فلاح بفئوس الآخرين
الدواء تأميم القنال
أم قرص أسبرين
أم كولى يورينال
للصابرين
أو من ماءٍ تجمد على ألف شكل آخر غير الماء تخاف أن تتخبط داخلها بالفوانيس وبالعمدان ولا فوانيس ولا عمدان
ولا محطة ولا ....
بل هى موجودة مادمت أنفيها
والراوى يقول: لسه ما اتجننتش


وأنا ماشى وابنى فى إيدى وإلا أنا اللى فى إيدى شفت يافطة «بازار كذا» بدأت ديوان ميت بوتيك
«بازار كذا كذا بازار»
فؤاد حداد

No comments: